بقلم ذة عائشة شاهدي
أرسلت إلي إحداهن رسالة قصيرة من مدينة وارزازات و أخبرتني بأن الرجل القادم من مدينة الجديدة يشبه رجلا قويا في زمن مضى كان قد حارب الظلم و أعان الفقير و اصغى لأنَّات الضعيف، لكن سرعان ما اختفى لدرجة لم أستطع ضبط مكانه و زمانه.
الرجل الذي تحدثت عنه الباعثة و الذي تشابه مع طيف الرجل الغائب هو ذ محمد منير الإدريسي.
لقد أخبرتني الباعثة أن صبحا انبلج بالمدينة و أن ضوءا شعَّ بتضاريسها و جبالها و أوديتها و رمالها. فهو منذ أن حل ضيفا عزيزا علينا و أصبح سيدا فينا لمسنا فيه الحب و الإخلاص للعمل، فهو لا يغادر مكتبه إلاَّ لحاجة ما، منكب انكبابا مكثفا على دراسة ملفاته و حل القضايا المتشابكة، رؤوف رحيم مع مرؤوسيه، معاملته إنسانية للجميع؛ أطال الله في عمر هذا الرجل الفاضل.
و لقد اجبتها بعفويةِ السادجِ غير المُنَمِقْ للكلام و غير المنافق و غير المتربص لتغيير المناصب بأن الرجل كان بيننا أخا و صديقا عزيزا و أن فراقه عَزَّ علينا، و قد افتقدناه لكن بلدنا المغرب بلد واحد، فَحَيثُمَا حلَّ قضى حاجة و أعان مستضعفا مغربيا ابن بلدنا العزيز.
وختمت كتابي للباعثة و وضعت سماعة هاتفي و وضعت قلمي و النشوة تَغمُرُنِي و تيقنت بأن الأوفياء و الأقوياء بِأخلاقهم لا يموتون حتى و إن غادروا الدنيا و أنهم لا يُنْسَوْنَ و هم يرحلون من مكان إلى آخر .
مَثَلُ الحي الذي في هذه المحادثة الذي هو محمد منير الإدريسي كمثل ذ الفايزي نور الدين الذي لا زال يَحْيَى بيننا، أما الذين لا يصنعون شيئا أو يصنعون الأذى فتطوى كتبهم سواء احياءا أو امواتا.
الطيبون لا يرحلون و ان رحلوا يعودون و بعودتهم نبتهج و نسعد.
فيما مضى غادر دائرة محكمة الاستئناف بالجديدة ذ أحمد نهيد و قد كان خير رجل لخير بلد، عرف بالتواضع و سلاسة التدبير و الحنكة أمام الصعاب الاجتماعية والإدارية و لما عاد هنا قوبل بالترحيب و الإجلال لأنه إنسان يستحق منا الكثير من التقدير أما المتكبرون المختالون فلا مكان لهم بيننا و لا نَشْعُرُ بِفِرَاقِهِم.